الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)
.تفسير الآيات (116- 117): {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)}أخرج الترمذي وصححه والنسائي وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي عن أبي هريرة قال: يلقي الله عيسى والله لقاه في قوله: {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} قال أبو هريرة «عن النبي صلى الله عليه وسلم: فلقاه الله {سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق}». الآية كلها.وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ميسرة قال: لما {قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} أرعد كل مفصل منه حتى وقع.وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن بن صالح قال: لما قال: {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} زال كل مفصل له من مكانه خيفة.وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} متى يكون ذلك؟ قال: يوم القيامة ألا ترى أنه يقول {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} [ المائدة: 119].وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} قال: لما رفع الله عيسى بن مريم إليه قالت النصارى ما قالت، وزعموا أن عيسى أمرهم بذلك، فسأله عن قوله: {قال سبحانك ما يكون لي} إلى قوله: {وأنت على كل شيء شهيد}.وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن طاوس في هذه الآية قال: احتج عيسى وربه والله وفقه {قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق}.وأخرج أبو الشيخ من طريق طاوس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن عيسى حاجه ربه فحاج عيسى ربه، والله لقاه حجته بقوله: {أأنت قلت للناس...} الآية».وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا كان يوم القيامة جمعت الأمم ودعي كل أناس بإمامهم، قال: ويدعى عيسى فيقول لعيسى {يا عيسى أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} فيقول {سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق} إلى قوله: {يوم ينفع الصادقين صدقهم}».وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} والناس يسمعون، فراجعه بما قد رأيت، فأقر له بالعبودية على نفسه، فعلم من كان يقول في عيسى ما كان يقول أنه إنما كان يقول باطلاً.وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {أن اعبدوا الله ربي وربكم} قال: سيدي وسيدكم.وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم».وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلاً، ثم قرأ {كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين} [ الأنبياء: 104] ثم قال: ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح {وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم} فيقال: أما هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم مذ فارقتهم».وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {كنت أنت الرقيب عليهم} قال: الحفيظ.وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {كنت أنت الرقيب} قال: الحفيظ..تفسير الآية رقم (118): {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)}أخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد والنسائي وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي ذر قال: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها {إن تعذبهم فإنهم عبادك...} الآية. فلما أصبح قلت: يا رسول الله، ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت؟! قال: إني سألت ربي الشفاعة لأمتي فأعطانيها، وهي نائلة إن شاء الله من لا يشرك بالله شيئاً».وأخرج ابن ماجة عن أبي ذر قال: «قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية حتى أصبح يرددها {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}».وأخرج مسلم والنسائي وابن أبي الدنيا في حسن الظن وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الله بن عمرو بن العاص «أن نبي الله تلا قول الله في إبراهيم {رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني...} [ إبراهيم: 36] الآية. وقال عيسى بن مريم {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} فرفع يديه فقال: اللهم أمتي أمتي وبكى. فقال الله: جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك».وأخرج ابن مردويه عن أبي ذر قال: «بات رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة يشفع لأمته، فكان يصلي بهذه الآية {إن تعذِّبهم فإنهم عبادك...} إلى آخر الآية. كان بها يسجد، وبها يركع، وبها يقوم، وبها يقعد حتى أصبح».وأخرج ابن مردويه عن أبي ذر قال: «قلت للنبي صلى الله عليه وسلم بأبي أنت وأمي يا رسول الله قمت الليلة بآية من القرآن، ومعك قرآن لو فعل هذا بعضنا لوجدنا عليه؟ قال: دعوت لأمتي. قال: فماذا أجبت؟ قال: أجبت بالذي لو اطَّلع كثير منهم عليه تركوا الصلاة. قال: أفلا أبشر الناس؟ قال: بلى. فقال عمر: يا رسول الله إنك إن تبعث إلى الناس بهذا نكلوا عن العبادة، فناداه أن ارجع فرجع، وتلا الآية التي يتلوها {إن تعذِّبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}».وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس {إن تعذبهم فإنهم عبادك} يقول: عبيدك قد استوجبوا العذاب بمقالتهم {وإن تغفر لهم} أي من تركت منهم ومد في عمره حتى أهبط من السماء إلى الأرض يقتل الدجال، فنزلوا عن مقالتهم ووحدوك، وأقروا إنا عبيد {وإن تغفر لهم} حيث رجعوا عن مقالتهم {فإنك أنت العزيز الحكيم}.وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {إن تعذبهم فإنهم عبادك} يقول: إن تعذبهم تميتهم بنصرانيتهم فيحق عليهم العذاب فإنهم عبادك {وإن تغفر لهم} فتخرجهم من النصرانية وتهديهم إلى الإسلام {فإنك أنت العزيز الحكيم} هذا قول عيسى عليه السلام في الدنيا..تفسير الآيات (119- 120): {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)}أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} قال: يقول هذا يوم ينفع الموحدين توحيدهم.وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} قال: هذا فصل بين كلام عيسى وهذا يوم القيامة.وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة قال: متكلمان تكلما يوم القيامة. نبي الله عيسى، وإبليس عدو الله، فأما إبليس فيقول {إن الله وعدكم وعد الحق} [ إبراهيم: 42] إلى قوله: {إلا أن دعوتكم فاستجبتم} لي وصدق عدو الله يومئذ، وكان في الدنيا كاذبا، وأما عيسى فما قص الله عليكم في قوله: {وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي} [ المائدة: 116] إلى آخر الآية: {قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} وكان صادقاً في الحياة الدنيا وبعد الموت.قوله تعالى: {لله ملك السماوات} الآية.أخرج أبوعبيد في فضائله عن أبي الزاهرية أن عثمان رضي الله عنه كتب في آخر المائدة {لله ملك السموات والأرض والله سميع بصير}..سورة الأنعام: .تفسير الآية رقم (1): {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1)}أخرج ابن الضريس في فضائل القرآن وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن كعب قال: فتحت التوراة {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} وختمت ب {الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً} الى قوله: {وكبره تكبيراً}.وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} قال: هي في التوراة بستمائة آية.وأخرج أبو الشيخ عن قتادة {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض} حمد نفسه فأعظم خلقه.وأخرج ابن أبي حاتم عن علي. أنه أتاه رجل من الخوارج فقال: الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون أليس كذلك؟. قال: نعم. فانصرف عنه ثم قال: ارجع. فرجع فقال: أي قل إنما أنزلت في أهل الكتاب.وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أنه أتاه رجل من الخوارج فقرأ عليه {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور} الآية. ثم قال: أليس الذين كفروا بربهم يعدلون؟ قال: بلى. فانصرف عنه الرجل، فقال له رجل من القوم: يا ابن ابزى إن هذا أراد تفسير الآية غير ما ترى إنه رجل من الخوارج. قال: ردوه علي. فلما جاء قال: أتدري فيمن أنزلت هذه الآية؟ قال: لا. قال: نزلت في أهل الكتاب فلا تضعها في غير موضعها.وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال: نزلت هذه الآية في الزنادقة {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور} قال قالوا: إن الله لم يخلق الظلمة، ولا الخنافس، ولا العقارب، ولا شيئاً قبيحاً، وإنما خلق النور وكل شيء حسن، فأنزل فيهم هذه الآية.وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال: نزل جبريل مع سبعين ألف ملك معهم سورة الأنعام، لهم زجل من التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد، وقال: الحمد لله الذي خلق السموات والأرض فكان فيه رد على ثلاثة أديان منهم، فكان فيه رد على الدهرية لأن الأشياء كلها دائمة، ثم قال: {وجعل الظلمات والنور} فكان فيه رد على المجوس الذين زعموا أن الظلمة والنور هما المدبران، وقال: {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} فكان فيه رد على مشركي العرب، ومن دعا دون الله إلهاً.وأخرج ابن جرير عن أبي روق قال: كل شيء في القرآن (جعل) فهو خلق.وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس {وجعل الظلمات والنور} قال: الكفر والإيمان.وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور} قال: خلق الله السموات قبل الأرض، والظلمة قبل النور، والجنة قبل النار {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} قال: كذب العادلون بالله فهؤلاء أهل الشرك.وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وجعل الظلمات والنور} قال: الظلمات ظلمة الليل، والنور نور النهار {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} قال: هم المشركون.وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} قال: يشركون.وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} قال: الآلهة التي عبدوها عدلوها بالله تعالى وليس لله عدل، ولا ند، وليس معه آلهة، ولا اتخذ صاحبة ولا ولداً.
|