الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.الصوائف. وفي سنة مائتين قتل الروم ملكهم إليون لسبع سنين ونصف من ملكه وأعادوا ميخاييل بن جرجس المخلوع وبقي عليهم تسع سنين ثم مات سنة خمس عشرة وملك ابنه نوفل وفتح عبد الله بن حرداويه والي طبرستان البلاد والسيرن من بلاد الديلم وافتتح جبال طبرستان وأنزل شهريار بن شروين عنها وأشخص مازيار بن قارن إلى المأمون وأسرا باليل ملك الديلم وذلك سنة احدى ومائتين وفيها ظهر بابك الخرمي في الجاوندانية أصحاب جاوندان سهل وتفسيره الدائم الباقي وتفسير خرم فرح وكانوا يعتقدون مذاهب المجوس وفي سنة أربع عشرة خرج أبو بلال الصابي الشاري فسرح إليه المأمون ابنه العباس في جماعة من القواد وقتلوه وفي سنة خمس عشرة دخل المأمون بلاد الروم بالصائفة وسار عن بغداد في المحرم واستخلف عليها إسحق بن إبراهيم بن مصعب وهو ابن عم طاهر وولاه السواد وحلوان وكور دجلة ولما وصل تكريت لقيه محمد بن علي الرضا فأجازه وزف إليه ابنته أم الفضل وسار إلى المدينة فأقام بها وسار المأمون على الموصل إلى منبج ثم دابق ثم إنطاكية ثم المصيصة وطرطوس ودخل من هناك فافتتح حصن قرة عنوة وهدمه وقيل بل فتحه على الأمان وفتح حصن ماجد كذلك وبعثه أشناس إلى حصن سدس ودخل ابنه العباس ملطية ووجه المأمون عجيفا وجعفر الخياط إلى حصن سنان فأطاع وعاد المعتصم من مصر فلقي المأمون قبل الموصل ولقيه العباس ابنه برأس عين وجاء المأمون منصرفه من العراق إلى دمشق ثم بلغه أن الروم أغاروا على طرطوس والمصيصة وأثخوا فيهم بالقتل وكتب إليه ملك الروم فيه بنفسه فرجع إليهم وافتتح كثيرا من معاقلهم وأناخ على هرقلة حتى استأمنوا وصالحوه وبعث المعتصم فافتتح ثلاثين حصنا منها مطمورة وبعث يحيى بن أكثم فأثخن في البلاد وقتل وحرق وسبى ثم رجع المأمون إلى كيسوم فأقام بها يومين ثم ارتحل إلى دمشق وفي سنة سبع عشرة رجع المأمون إلى بلاد الروم فأناخ على لؤلؤة فحاصرها مائة يوم ثم رحل عنها وخلف عجيفا على حصارها وجاء نوفل ملك الروم فأحاط به فبعث إليه المأمون بالمدد فارتحل نوفل واستأمن أهل لؤلؤة إلى عجيف وبعث نوفل في المهادنة والمأمون على سلوين فلم يجبه ثم رجع المأمون سنة ثمان عشرة وبعث ابنه العباس إلى بناء طوانة فبنى بها ميلا في ميل ودورها أربعة فراسخ وجعل لها أربعة أبواب ونقل إليها الناس من البلدان..وفاة المأمون وبيعة المعتصم. ثم مرض المأمون على نهر البربرون واشتد مرضه ودخل العراق وهو مريض فمات بطرسوس وصلى عليه المعتصم وذلك لعشرين سنة من خلافته وعهد لابنه المعتصم وهو أبو إسحق محمد فبويع له بعد موته وذلك منتصف رجب من سنة ثمان عشرة ومائتين وشغب الجند وهتفوا باسم العباس بن المأمون فأحضره وبايع فسكتوا وخرب لوقته ما كان بناه من مدينة طوانة وأعاد الناس إلى بلادهم وحمل ما أطاق حمله من الآلة وأحرق الباقي..ظهور صاحب الطالقان. وهو محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي زين العابدين بن الحسين كان ملازما للمسجد بالمدينة فلزمه شيطان من أهل خراسان وزين له أنه أحق بالأمامة وصار يأتيه بحجاج خراسان يبايعونه ثم خرج به إلى الجوزجان وأخفاه وأقبل على الدعاء له ثم حمله على إظهار الدعوة للرضا من آل محمد على عادة الشيعة في هذا الإبهام كما قدمناه وواقعة قواد عبد الله بن طاهر بخراسان المرة بعد المرة فهزموه وأصحابه وأخرج ناجيا بنفسه ومر بنسا فوشي به إلى العامل فقبض عليه وبعثه إلى عبد الله بن طاهر فبعثه إلى المعتصم منتصف ربيع أول سنة تسع عشرة فحبسه عند الخادم مسرور الكبير ووكل بحفظه فهرب من محبسه ليلة الفطر من سنته ولم يوقف له على خبر..حرب الزط. وهم قوم من أخلاط الناس غلبوا على طريق البصرة وعاثوا فيها وأفسدوا البلاد وولوا عليهم رجلا منهم اسمه محمد بن عثمان وقام بأمره آخر منهم اسمه سماق وبعث المعتصم لحربهم في هذه السنة عجيف بن عنبسة في جمادى الآخرة فسار إلى واسط وحاربهم فقتل منهم في معركة ثلثمائة وأسر خمسمائة ثم قتلهم وبعث برؤوسهم إلى باب المعتصم وأقام قبالتهم سبعة أشهر ثم استأمنوا إليه في ذي الحجة آخر السنة وجاؤوا بأجمعهم في سبعة وعشرين ألفا المقاتلة منهم اثنا عشر ألفا فعباهم عجيف في السفن على هيئتهم في الحرب ودخل بهم بغداد في عاشوراء سنة عشرين وركب المعتصم إلى الشماسة في سفينة حتى رآهم ثم غربهم إلى عين زربة فأغارت عليهم الروم فلم يفلت منهم أحد.
|