الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.قيام أهل صقلية بدعوة المقتدر ثم رجوعهم إلى طاعة المهدي. قد ذكرنا ولاية علي بن عمر على صقلية من عبد الله المهدي سنة تسع وتسعين ثم إن أهل صقلية انتقضوا عليه وولوا عليهم أحمد بن موهب ثم انتقضوا عليه وأرادوا قتله فدعا إلى طاعة المقتدر وخطب له بصقلية وقطع خطبة المهدي وبعث أسطولا إلى ناحية ساحل أفريقية فلقوا أسطول المهدي وعليه الحسن بن أبي خنزير فأحرقوه وقتلوا الحسن ووصلت خلع السواد وألويته لابن موهب من بغداد ثم جاءت أساطيل المهدي في البحر وفسد أمر ابن موهب ثم ثارت أهل صقلية به سنة ثلثمائة وأسروه وبعثوا به إلى المهدي مع جماعة من أصحابه فأمرهم بقتلهم على قبر ابن أبي خنزير..ولاية العهد. وفي سنة إحدى وثلثمائة ولي المقتدر ابنه أبا العباس العهد وهو الذي ولي الخلافة بعد القاهر وسمي بالرافضي فولاه أبو المقتدر العهد وهو ابن سنين وقلده مصر والمغرب واستخلف له عليها مؤنسا الخادم وولى ابنه الآخر عليا على الري ودنباوند وقزوين وأذربيجان وأبهر..ظهور الأطروش وملكه خراسان. كان هذا الأطروش من ولد عمر بن علي زين العابدين وهو الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن عمر وكان قد دخل إلى الديلم بعد قتل محمد بن زيد ولبث فيهم ثلاث عشرة سنة يدعوهم إلى الإسلام ويأخذ منهم العشر ويدافع عنهم ملكهم ابن حسان فأسلم على يديه منهم خلق كثير وبنى لهم المساجد وزحف بهم إلى ثغور المسلمين أراهم مثل قزوين وسالوس فأطاعوه وهدم حصن سالوس ثم دعاهم إلى غزو طبرستان وهي في طاعة ابن سامان وكان إسمعيل بن أحمد لما انتقض بها محمد بن هرون وقبض عليه إسمعيل وولى عليها أبا العباس عبد الله بن محمد بن نوح فأحسن السيرة وأظهر العدل وبالغ في الإحسان إلى العلوية الذين بها واستمال الديلم بالمهاداة والإحسان فاشتمل الناس عليه فلما دعاهم الحسن إلى غزو طبرستان لم يجيبوه من أجل ابن نوح ثم إن أحمد بن إسمعيل عزل ابن نوح عنها وو لى عليها سلاما فأساء السيرة ولم يحسن سياسة الديلم فهاجوا عليه فقاتلهم وهزمهم واستعفى من ولايتها فعاد إليها ابن نوح وصلحت الحال كما كانت إلى أن مات فولى عليها محمد بن إبراهيم بن صعلوك فأساء السيرة وتنكر للديلم فصادف الحسن منها الغرة ودعاهم إلى غزو طبرستان فأجابوه وسار إليه ابن صعلوك على من يرحله من سالوس بشاطئ البحر فانهزم وقتل من أصحابه أربعة آلاف ولجأ الباقون إلى سالوس فحاصرهم الأطروش حتى استأمنوا ورجع عنهم إلى آمد ثم جاء الحسن بن القاسم العلوي الداعي صهر الأطروش إلى أولئك المستأمنين فقتلهم واستولى الأطروش على طبرستان ولحق ابن صعلوك بالري سنة إحدى وثلثمائة وسار منها إلى بغداد وكان الأطروش زيدي المذهب وجمع الذين اسلموا على يده فيما وراء أسعيد ولى إلى آمد كلهم على مذهب الشيعة ثم إن الأطروش العلوي تنحى عن آمد إلى سالوس بعد أن غلب عليها فبعث إليه صعلوك الري من قبل ابن سامان جيشا فهزمهم وعاد إلى آمد ثم زحف إليه عساكر السعيد صاحب خراسان سنة أربع وثلثمائة فقتلوه وكان هذا الأطروش عادلا حسن السيرة لم ير مثله في أيامه وأصابه الصمم من ضربة في رأسه بالسيف في الحرب وقال ابن مسكويه في كتاب تجارب الأمم ويقال فيه الحسن بن علي الدعي وليس به وإنما الداعي الحسن بن القاسم صهره وسنذكره فيما بعد وكان له من الولد أبو الحسن وكان قواده من الديلم جماعة منهم ابن النعمان وكانت له ولاية جرجان وما كان بن كالي وكان على استراباذ ومعرا ثم كان من قواد ولده من الديلم جماعة آخرون منهم أسفار بن شيروية من أصحاب ما كان بن كالي ومرداويج بن زياد من أصحاب أسفار واسكرى من أصحابه أيضا وبنو بوية من أصحاب مرداويج وسيأتي الخبر عن جميعهم إن شاء الله تعالى..غلب المهدي على الاسكندرية ومسير مؤنس إلى مصر. وفي سنة اثنتين وثلثمائة بعث عبد الله المهدي عساكره من أفريقية إلى الإسكندرية مع قائده خفاشة الكتابي فغلب عليها وسار إلى مصر وبلغ المقتدر فبعث مؤنسا الخادم في العساكر لمحاربته وأمده بالأموال والسلاح وسار إليهم وقاتلهم فهزمهم بعد وقائع متعددة قتل من الفريقين وبلغ القتل والأسر من المغاربة سبعة آلاف ورجعوا إلى المغرب.
|