الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.وفاة صاحب طبرستان وولاية أخيه. ثم توفي الحسن بن زيد العلوي صاحب طبرستان في رجب سنة سبعين لعشرين سنة من ولايته وولي مكانه أخوه وكان على قزوين أتكوتكين فسار إلى الري في أربعة آلاف فارس وسار إليه محمد بن زيد في عالم كثير من الديلم والخراسانية والتقوا فانهزم محمد بن زيد وقتل من عسكره نحو من ستة آلاف وأسر ألفان وغنم أتكوتكين عسكرا وملك الري وأغرم أهلها مائة ألف دينار وفرق عماله عليها وسار محمد بن زيد إلى جرجان ثم عزل عمرو بن الليث عن خراسان وولى عليها محمد بن طاهر واستخلف محمد بن رافع بن هرثمة وسار سنة خمس وسبعين إلى جرجان وهرب عنها ليلا إلى استرياد فحاصره رافع فيها سنتين حتى أجهده الحصار ففر عنها ليلا إلى سارية فاتبعه عن طبرستان سنة سبع وسبعين واستأمن رستم بن قارن إلى رافع بطبرستان فأمنه وبعث إلى سالوس محمد بن هرون نائبا عنه وأتاه بها علي ابن كاني مستأمنا ثم جاءه محمد وحاصرهما بسالوس وانقطعت أخبارهما عن نافع ثم جاءه الخبر بحصارهما فسار إليهما فارتحل محمد بن زيد إلى أرض الديلم فدخل رافع خلفه وأثخن فيها نهبا وتخريبا إلى حدود قزوين وعاد إلى الري إلى أن توفي المعتمد سنة تسع وتسعين..فتنة ابن كنداج وابن أبي الساج وابن طولون. كان ابن أبي الساج في أعماله بقنسرين والفرات والرحبة ينافس إسحق وهو على الجزيرة ويريد التقدم عليه فحدثت لذلك منهما فتنة فخطب ابن أبي الساج لخمارويه بن طولون وبعث ابنه ديواداد رهينة إليه فبعث إليه خمارويه أموالا جمة وسار إلى الشام واجتمع بابن أبي الساج ببالس ثم عبر ابن أبي الساج الفرات إلى الرقة وهزم إسحق بن كنداج واستولى على أعماله وعبر خمارويه ونزل الرقة ومضى إسحق إلى قلعة ماردين وحاصره ابن أبي الساج بها ثم أفرج عنها وسار إلى سنجار لقتال بعض الأعراب فسار ابن كنداج من ماردين إلى الموصل فاعترضه ابن أبي الساج وهزمه فعاد إلى ماردين واستولى ابن أبي الساج على الجزيرة والموصل وخطب فيهما لخمارويه ثم لنفسه بعد وبعث غلامه فتحا إلى أعمال الموصل لجباية الخراج وكان اليعقوبية من السراة قريبا منه فهادنهم ثم غدر بهم فكسبهم وجاءهم أصحابهم من غير شعور فحملوا على أصحاب فتح فاستلحموهم ثم انتقض ابن أبي الساج واستبيح عسكره وكان له بحمص مخلف من أثقاله فقدم خمارويه طائفة من العسكر إليها فاستولوا على ما فيها ومنعوا ابن أبي الساج من دخولها فسار إلى حلب ثم إلى الرقة وخمارويه في اتباعه فعبر الفرات إلى الموصل وجاء خمارويه إلى بلد وأقام بها وسار ابن أبي الساج إلى الحديثة وكان إسحق بن كنداج قد لحق بخمارويه من ماردين فبعث معه جيشا وجماعة من القواد وسار في طلب ابن أبي الساج وقد عبر دجلة فجمع ابن كنداج السفن ليوطئ جسرا للعبور وبينما هو في ذلك أسرى ابن أبي الساج من تكريت إلى الموصل فوصلها لرابعة وسار ابن كنداج في اتباعه فاقتتلوا بظاهر الموصل واين أبي الساج في ألفين فصبر واشتد القتال وانهزم ابن كنداج وهو في عشرين ألفا فخلص إلى الرقة ومحمد بن أبي الساج في اتباعه وكتب إلى الموفق يستأذنه في عبور الفرات إلى بلاد خمارويه بالشام فأمره بالتوقف إلى وصول المدد من عنده ومضى ابن كنداج إلى جمارويه فجاء بجيوشه إلى الفرات وتوافق مع ابن أبي الساج والفرات بينهما ثم عبرت طائفة من عسكر ابن كنداج فأوقعوا بطائفة من عسكر ابن أبي الساج فانهزموا إلى الرقة فسار ابن أبي الساج عن الرقة إلى بغداد سنة ست وسبعين في ربيع منها فأكرمه الموفق ووصله واستولى ابن كنداج على ديار ربيعة من أعمال الجزيرة وأقام بها وولى الموفق بن أبي الساج على أذربيجان فسار إليها فخرج إليه عبد الله بن الحسين الهمذاني عامل مراغة ليصده فهزمه ابن أبي الساج فحاصره وأخذ منه مراغة سنة ثمان وسبعين وقتله واستقر ابن أبي الساج في عمله بأذربيجان..أخبار عمرو بن الليث. كان عمرو بن الليث بعد مهلك أخيه يعقوب قد ولاه الموفق خراسان وأصبهان وسجستان والسند وكرمان والشرطة ببغداد كما كان أخوه وقد ذكرنا ذلك قبل وكان عامله على فارس ابن الليث فانتقض عليه سنة ثمان وستين فسار عمر ولحربه فهزمه واستباح عسكره ونهب أصطخر ثم ظفرت جيوشه بمحمد وأسره وحبسه بكرمان فأقام بها ثم بعث إلى أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف وهو بأصبهان يطلبه بالمال فبعث إليه بالأموال وبعث عمرو إلى الموفق بثلثمائة ألف دينار وبخمسين منا من المسك ومثلها من العنبر ومائتين من العود وثلثمائة ثوب من الوشي ومن آنية الذهب والفضة والدواب والغلمان قيمة مائة ألف دينار واستأذنه في غزو محمد ابن عبيد الكردي في رامهرمز فأذن له فبعث قائدا من جيشه إليه فأسره وجاء به إلى عمرو ثم عزل المعتمد سنة احدى وستين عمرو بن الليث عما كان قلده من الأعمال وأدخل إليه الحاج من أهلها عند منصرفهم من مكة فأعلمهم بعزله وأنه قد ولى على خراسان محمد بن طاهر وأمر بلعن عمرو على المنابر وجهز مخلد ابن صاعد إلى فارس لحرب عمرو واستخلف محمد بن طاهر على خراسان رافع بن هرثمة وكتب المعتمد إلى أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف يأمره بقتاله وبعث إليه الجيوش فاقتتلوا مع عمرو وكان في خمسة عشر ألف مقاتل فانهزم عمرو وخرج قائده الديلمي وقتل مائة من أعيانهم وأسر ثلاثة آلاف فأستأمن منهم وغنموا من عسكره ما لا يحصى ثم زحف الموفق سنة أربع وسبعين إلى فارس لحرب عمرو فأنفد عمرو ابنه محمدا إلى أرجان في العساكر وعلى مقدمته أبو طلحة بن شركب وعباس بن إسحق إلى سيراف واستأمن أبو طلحة إلى الموفق ففت ذلك في عضد عمرو وعاد إلى كرمان واستراب الموفق بأبي طلحة فقبض عليه قريبا من شيراز وجعل ماله لابنه أبي العباس المعتضد وسار في طلب عمرو فخرج من كرمان إلى سجستان ومات ابنه محمد بالمفازة ورجع عنه الموفق وسار رافع بن الليث من خراسان وغلب محمد بن زيد على طبرستان كما قدمناه وقدم عليه هنالك علي بن الليث هو وابناه المعدل والليث بن حسن أخيه علي بكرمان ثم قتله رافع سنة ثمان وستين.
|