الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير **
وكان يتكهن في الجاهلية وكان شاعراً ثم أسلم قرأت على أبي عبد الله بن أبي الفتح بن وثاب الصوري بالزعيزعية بمرج دمشق قلت له أخبركم الشيخان المؤيد هشام بن عبد الرحيم بن أحمد بن محمد البغدادي نزيل أصبهان وأم حبيبة عائشة بنت معمر بن الفاخر القرشية إجازة قالا أنا أبو الفرج سعيد ابن أبي الرجاء الصيرفي قراءة عليه ونحن نسمع بأصبهان قال أنا أبو نصر إبراهيم بن محمد بن علي الأصبهاني الكسائي قال أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن المقرئ قال أنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي ثنا يحيى بن حجر بن النعمان السامي ثنا علي بن منصور الأنباري عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن محمد بن كعب القرظي قال بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم جالساً إذ مر به رجل فقيل يا أمير المؤمنين أتعرف هذا المار قال ومن هذا قالوا هذا سواد بن قارب الذي أتاه رئيه بظهور النبي صلى الله عليه وسلم قال فأرسل إليه عمر رضي الله عنه فقال له أنت سواد بن قارب قال نعم قال أنت الذي أتاك رئيتك بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قال فأنت على ما كنت عليه من كهانتك قال فغضب وقال ما استقبلني بهذا أحد منذ أسلمت يا أمير المؤمنين فقال عمر سبحان الله ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك فأخبرني بإتيانك رئيك بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم يا أمير المؤمنين بينما أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان إذ أتاني رئيي فضربني برجله وقال قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي واعقل إن كنت تعقل إنه قد بعث رسول الله من لؤي بن غالب يدعو إلى الله عز وجل وإلى عبادته ثم أنشأ يقول عجبت للجن وتطلابها وشدها العيس بأقتابها فارحل إلى الصفوة من هاشم ليس قدامها كأذنابها قال قلت دعني أنام فإني أمسيت ناعساً فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله وقال قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي واعقل إن كنت تعقل إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله عز وجل وإلى عبادته ثم أنشأ يقول عجبت للجن وتخبارها وشدها العيس بأكوارها تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما مؤمن الجن ككفارها فارحل إلى الصفوة من هاشم بين روابيها وأحجارها قال قلت دعني أنام فإني أمسيت ناعساً فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله وقال قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي واعقل إن كنت تعقل إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله عز وجل وإلى عبادته ثم أنشأ يقول عجبت للجن وتجساسها وشدها العيس بأحلاسها تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما خير الجن كأجناسها فارحل إلى الصفوة من هاشم واسم بعينيك إلى راسها فقمت فقلت قد امتحن الله قلبي فرحلت ناقتي ثم أتيت إلى المدينة فإذا رسول الله وصحبه أتاني نجيبي بعد هدء ورقدة ولم يك فيما قد بلوت بكاذب ثلاث ليال قوله كل ليلة أتاك رسول من لؤي بن غالب فشمرت من ذيلي الأزرار ووسطت بي الذعلب الوجناء بين السباسب فأشهد أن الله لا رب غيره وأنك مأمون على كل غائب وأنك أدنى المرسلين وسيلة إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل وإن كان فيما جاء شيب الذوائب وكن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعة سواك بمغن عن سواد بن قارب قال ففرح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمقالتي فرحاً شديداً حتى رؤى الفرح في وجوههم. قال فوثب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فالتزمه وقال قد كنت أشتهي أن أسمع هذا الحديث منك فهل يأتيك رئيك اليوم قال أما منذ قرأت القرآن فلا ونعم العوض كتاب الله من الجن ثم أنشأ عمر يقول كنا يوماً في حي من قريش يقال لهم آل ذريخ وقد ذبحوا عجلاً لهم والجزار يعالجه إذ سمعنا صوتاً من جوف العجل ولا نرى شيئاً يا آل ذريخ أمر نجيح صائح يصيح بلسان فصيح يشهد أن لا إله إلا الله. وقد روينا خبر سواد هذا من طريق البخاري ثنا يحيى ابن سليمان قال حدثني ابن وهيب قال حدثني عمر أن سالماً حدثه عن عبد الله ابن عمر فذكر الخبر أخصر مما سقناه وفي الألفاظ اختلاف. وقال السهيلي ولسواد ابن قارب هذا مقام حميد في دوس حين بلغهم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليماً. قال ومن هذا الباب خبر سوداء بنت زهرة بن كلاب وذلك أنها حين ولدت ورآها أبوها زرقاء سيماء أمر بوأدها وكانوا يئدون البنات ما كانت على هذه الصفة فأرسلها إلى الحجون لتدفن هناك فلما حفر لها الحافر وأراد دفنها سمع هاتفاً يقول لا تئد الصبية وخلها في البرية فالتفت فلم ير شيئاً فعاد لدفنها فسمع الهاتف يسجع بسجع آخر في المعنى فرجع إلى أبيها وأخبره بما سمع فقال إن لها لشأناً وتركها فكانت كاهنة قريش فقالت يوماً لبني زهرة إن فيكم نذيرة أو تلد نذيراً فاعرضوا علي بناتكم فعرضن عليها فقالت في كل واحدة منهن قولاً ظهر بعد حين حتى عرضت عليها آمنة بنت وهب فقالت هذه النذيرة أو ستلد نذيراً. وهو خبر طويل ذكر الزبير يسيراً منه. وذكره بطوله أبو بكر النقاش. أخبرنا علي بن محمد التغلبي قال أنا محمد بن غسان بن غافل وغيره قالا أنا علي بن الحسن الدمشقي قال أنا الشيخان أبو القاسم زاهر وأبو بكر وجيه ابنا طاهر بن محمد الشحاميان بنيسابور قالا أنا أبو حامد أحمد بن الحسن الأزهري قال أنا أبو محمد الحسن ابن أحمد المخلدي قال أنا أبو عمران موسى بن العباس الجويني ثنا علي بن حرب ثنا المنذر هشام بن محمد السائب عن أبيه عن عبد الله العماني عن مازن بن الغضوبة قال كنت أسدن صنماً بسمال قرية بعمان فعترنا ذات يوم عنده عتيرة وهي الذبيحة فسمعنا صوتاً من الصنم يقول: يا مازن اسمع تسر ظهر خير وبطن شر بعث نبي من مضر بدين الله الكبر فدع نحيتاً من حجر تسلم من حر سقر قال ففزعت لذلك فقلت إن في هذا لعجباً. قال ثم عترت بعد أيام عتيرة فسمعت صوتاً من الصنم يقول: أقبل إلي أقبل تسمع ما لا يجهل هذا نبي مرسل جاء بحق منزل فآمن به كي تعدل عن حر نار تشعل وقودها بالجندل فقلت إن في هذا لعجباً وأنه لخير يراد بي فبينا نحن كذلك إذ قدم رجل من أهل الحجاز قلنا ما الخبر وراءك قال ظهر رجل يقال له أحمد يقول لمن أتاه أجيبوا داعي الله فقلت هذا نبأ سمعته فثرت إلى الصنم فكسرته جذاذاً وركبت راحلتي فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرح لي الإسلام فأسلمت وقلت بالهاشمي هدانا من ضلالتنا ولم يكن دينه مني على بال يا راكباً بلغن عمراً وأخوتها أني لمن قال ربي بادر قالي يعني بعمرو بن الصامت وأخوتها بني الخطامة. قال مازن فقلت يا رسول الله إني مولع بالطرب وبشرب الخمر وبالهلوك من النساء وألحت علينا السنون فذهبن بالأموال وهزلن الذراري والعيال وليس لي ولد فادع الله أن يذهب عني ما أجد ويأتني بالحيا ويهب لي ولداً فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم أبدله بالطرب قراءة القرآن وبالحرام الحلال وبالخمر رياً لا إثم فيه وبالعهر عفة الفرج وائته بالحيا وهب له ولداً قال مازن فأذهب الله عني ما كنت أجد وتعلمت شطر القرآن وحججت حججاً وأخصبت عمان ووهب الله لي حيان بن مازن وأنشدت أقول: إليك رسول الله خبت مطيتي تجوب الفيافي من عمان إلى العرج لتشفع لي يا خير من وطئ الحصى فيغفر لي ربي وأرجع بالفلج إلى معشر خالفت في الله دينهم فلا رأيهم رأيي ولا شرجهم شرجي وكنت امرأ بالرعب والخمر مولعاً شبابي حتى آذن الجسم بالنهج فبدلني بالخمر خوفاً وخشية وبالعهر إحصاناً فحصن لي فرجي فأصبحت همي في الجهاد ونيتي فلله ما صومي ولله ما حجي وروينا عن زمل بن عمرو العذري قال كان لبني عذرة صنم يقال له خمام فكانوا يعظمونه وكان في بني هند بن حرام بن ضبة بن عبد بن كثير بن عذرة وكان سادنه رجلاً يقال له طارق وكانوا يعترون عنده فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم سمعت صوتاً يقول يا بني هند بن حرام ظهر الحق وأودى خمام ودفع الشرك الإسلام. قال ففزعنا لذلك وهالنا فمكثنا أياماً ثم سمعنا صوتاً وهو يقول يا طارق يا طارق بعث النبي الصادق بوحي ناطق صدع صادعة بأرض تهامة لناصريه السلامة ولخاذليه الندامة هذا الوداع مني إلى يوم القيامة. قال زمل فوقع الصنم لوجهه.قال زمل فابتعت راحلة ورحلت حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم مع نفر من قومي وأنشدته شعراً قلته: إليك رسول الله أعلمت نصها أكلفها حزناً وقوزاً من الرمل لأنصر خير الناس نصراً مؤزراً وأعقد حبلاً من حبالك في حبلي وأشهد أن الله لا شيء غيره أدين له ما أثقلت قدمي نعلي. في خبر ذكره وروينا عن ابن هشام أن بعض أهل العلم حدثه أنه كان لمرداس أبي عباس ابن مرداس السلمي وئن يعبده وهو حجر يقال له ضمار فلما حضر مرداس قال لعباس أي بني أعبد ضمار فإنه ينفعك ويضرك فبينما عباس يوماً عند ضمار إذ سمع من جوف ضمار منادياً يقول: إن الذي ورث النبوة والهدى بعد ابن مريم من قريش مهند أودى ضمار وكان يعبد مرة قبل الكتاب إلى النبي محمد فحرق العباس ضمار ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم. وروى أبو جعفر العقيلي عن رجل من بني لهب أو لهيب بن مالك قال حضرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت عنده الكهانة فقلت بأبي وأمي نحن أول من عرف حراسة السماء وزجر الشياطين ومنعهم من استراق السمع عند قذف النجوم وذلك أنا اجتمعنا إلى كاهن لنا يقال له خطر بن مالك وكان شيخاً كبيراً قد أتت عليه مائتا سنة وثمانون سنة وكان من أعلم كهاننا فقلنا له يا خطر هل عندك علم من هذه النجوم التي يرمى بها فإنا قد فزعنا لذلك وخفنا سوء عاقبتها فقال إئتوني بسحر أخبركم الخير أو ضرر أو لأمن أو حذر قال فانصرفنا عنه يومنا فلما كان من غد في وجه السحر أتيناه فإذا هو قائم على قدميه شاخص في السماء بعينيه فناديناه يا خطر يا خطر فأومأ إلينا أمسكوا فأمسكنا فانقض نجم عظيم من السماء وصرخ الكاهن رافعاً صوته أصابه أصابه خامره عقابه عاجله عذابه أحرقه شهابه زايله جوابه يا ويله ما حاله بلبله بلباله عاوده خباله تقطعت حباله وغيرت أحواله. ثم أمسك طويلاً يقول يا معشر بني قحطان: أخبركم بالحق والبيان أقسمت بالكعبة والأركان بثاقب بكف ذي سلطان من أجل مبعوث عظيم الشان يبعث بالتنزيل والفرقان وبالهدى وفاضل القرآن تبطل به عبادة الأوثان قال فقلت ويحك يا خطر إنك لتذكر أمراً عظيماً فماذا ترى لقومك فقال أرى لقومي ما أرى لنفسي أن يتبعوا خير نبي الأنس برهانه مثل شعاع الشمس يبعث في مكة دار الحمس بمحكم التنزيل غير اللبس فقلنا له يا خطر وممن هو فقال والحياة والعيش إنه لمن قريش ما في حكمه طيش ولا في خلقه هيش يكون في جيش وأي جيش من آل قحطان وآل أيش. فقلنا بين لنا من أي قريش هو فقال والبيت ذي الدعائم إنه لمن نجل هاشم من معشر أكارم يبعث بالملاحم وقتل كل ذي ظالم ثم قال هذا هو البيان أخبرني به رئيس الجان. ثم قال الله أكبر جاء الحق وظهر وانقطع عن الجن الخبر. ثم سكت وأغمي عليه فما أفاق إلا بعد ثلاثة أيام فقال لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله لقد نطق عن مثل نبوة وأنه ليبعث يوم القيامة أمة وحده. قال السهيلي المعنى وصابه مثل وشاح وأشاح وتكون الهمزة بدلاً من واو مكسورة. وروينا من طريق ابن ماجه ثنا محمد بن يحيى ثنا إسرائيل ثنا سماك بن حرب بن عكرمة عن ابن عباس أن قريشاً أتوا امرأة كاهنة فقالوا لها خبرينا أشبهنا أثراً بصاحب المقام فقال إن أنتم جررتم كساء على هذه السهلة ثم مشيتم عليها أنبأتكم فجروا كساء ثم مشى الناس عليها فأبصرت أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت هذا أقربكم إليه شبهاً ثم مكثوا بعد ذلك عشرين سنة أو ما شاء الله ثم بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم. وذكر ابن أبي خيثمة ثنا موسى ثنا حماد عن حميد عن عكرمة أن نفراً من قريش مروا بجزيرة من جزائر البحر فإذا هم بشيخ من جرهم فقال مم أنتم قلنا نحن من أهل مكة من قريش فقال الشيخ ذات يوم لقد طلع الليلة نجم لقد بعث فيكم نبي قال فنظروا فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث تلك الليلة. قرئ علي أبي عبد الله محمد بن عبد المؤمن المقدسي وأنا أسمع بغوطة دمشق أخبرتكم أم النور عين شمس بنت أحمد بن أبي الفرج الثقفي إجازة قالت أنا أبو الفتح إسماعيل بن الفضل بن أحمد بن الأخشيد قراءة عليه ثنا الشيخ الزكي أبو القاسم الفضل بن أحمد بن أحمد بن محمود الثقفي ثنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن إبراهيم الثقفي ثنا أبو علي الحسن بن محمد بن أله المعدل ثنا عمرو بن علي ثنا عبيد الله بن عبد المجيد ثنا القاسم بن الفضل ثنا أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال بينما راع يرعى بالجزيرة إذ عرض الذئب لشاة من شائه فحال الراعي بين الذئب وبين الشاة فأقعى الذئب على ذنبه فقال ألا تتقي الله تحول بيني وبين رزق ساقه الله إلي. فقال الراعي هل أعجب من ذئب مقع إلى ذنبه يكلمني بكلام الأنس. فقال الذئب ألا أخبرك بأعجب مني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الحرتين يحدث الناس بأنباء ما قد سبق فساق الراعي شاءه فأتى المدينة فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثه بما قال الذئب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق الراعي إن من أشراط الساعة كلام السباع الأنس والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل شراك نعله وعذبة صوته ويخبره بما صنع أهله. وذكر الواقدي بإسناد له قال كان أبو هريرة يحدث أن قوماً من خثعم كانوا عند صنم لهم جلوساً وكانوا يتحاكمون إلى أصنامهم. وفيه قال أبو هريرة رضي الله عنه فبينا الخثعميون عند صنمهم إذ سمعوا هاتفاً يهتف: يا أيها الناس ذوو الأجسام ومسندو الحكم إلى الأصنام أكلكم أوره كالكهام أما ترون ما أرى أمامي من ساطع يجلو دجى الظلام ذاك نبي سيد الأنام من هاشم في ذروة السنام مستعلن بالبلد الحرام جاء بهد الكفر بالإسلام أكرمه الرحمن من إمام قال أبو هريرة فأمسكوا عنه ساعة حتى حفظوا ذلك ثم تفرقوا فلم تمض بهم ثالثة حتى فجئهم خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد ظهر بمكة فما أسلم الخثعميون حتى استأخر إسلامهم ورأوا عبراً عند صنمهم. قال ابن اسحق وحدثني علي بن نافع الجرشي أن جنباً بطناً من اليمن كان لهم كاهن في الجاهلية فلما ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشر في العرب قالت له جنب أنظر لنا في أمر هذا الرجل واجتمعوا إليه في أسفل جبل فنزل عليهم حين طلعت الشمس فوقف لهم قائماً متكئاً على قوس له فرفع رأسه إلى السماء طويلاً ثم جعل ينزو ثم قال أيها الناس إن الله أكرم محمداً واصطفاه وطهر قلبه وحشاه ومكثه فيكم أيها الناس قليل ثم اشتد في جبله راجعاً من حيث جاء. والأخبار في هذه كثيرة. قرئ علي أبي عبد الله محمد بن عبد المؤمن بن أبي الفتح الصوري وأنا أسمع أخبركم أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل بن الحرستاني قراءة عليه وأنتم تسمعون فأقر به قال أنا أبو محمد عبد الكريم بن خمزة بن أبي الخضر السلمي سماعاً عليه قال أنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال أنا تمام بن محمد الرازي قال أنا أحمد بن سليمان ثنا يزيد بن محمد ثنا أبو الجماهر ثنا سعيد بن بشير ثنا قتادة عن الحسن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث. أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن الأنماطي بقراءة والدي عليه وأنا أسمع قال أنا ابن الحرستاني سماعاً وأبو الحسن المؤيد ابن محمد علي الطوسي إجازة قال أنا وقال ابن الحرستاني أنبأنا الإمام أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي قال أنا أبو حفص بن مسرور قال أنا أبو عمرو بن نجيد ثنا محمد بن أيوب الرازي قال أنا محمد بن سنان العوقي ثنا إبراهيم ابن طهمان عن بديل عن عبد الله بن شقيق عن ميسرة الفجر قال قلت يا رسول الله متى كنت نبياً قال كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد.
أخبرنا أبو حفص عمر بن عبد المنعم بن القواس بقراءتي عليه بعربيل بغوطة دمشق قلت له أخبركم القاضي الإمام أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قراءة عليه بحضورك في الرابعة فأقر به قال أنا جمال الإسلام أبو الحسن السلمي قال أنا أبو نصر الحسين بن محمد بن طلاب قال أنا أبو الحسين بن جميع ثنا خالد بن محمد بدمياط ثنا محمد بن علي الصائغ ثنا محمد بن بشر التنيسي ثنا الأوزاعي قال حدثني ربيعة بين أبي عبد الرحمن قال حدثني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث على رأس الأربعين وقبض على رأس الستين وما في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني بقراءة والدي عليه أخبركم أبو علي ضياء بن أبي القاسم بن الخريف قال أنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري قال أنا أبو الحسن علي بن عيسى الباقلاني قال أنا أحمد بن جعفر ثنا الحسن بن الطيب البلخي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا بكر بن مضر عن ابن الهاد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك قام من الليل يصلي فاجتمع رجال من أصحابه يحرسونه حتى إذا صلى وانصرف إليهم قال لهم لقد أعطيت الليلة خمساً ما أعطيهن أحد قبلي أما أولهن فأرسلت إلى الناس كلهم عامة وكان من قبلي إنما يرسل إلى قومه ونصرت بالرعب إلى العدو ولو كان بيني وبينه مسيرة شهر لملئ مني رعباً وأحلت لي الغنائم كلها وكان من قبلي يعظمونها كانوا يحرمونها وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت وكان من قبلي يعظمون ذلك إنما كانوا يصلون في كنائسهم وبيعهم والخامسة قيل لي سل فإن كل نبي قد سأل فأخرت مسألتي إلى يوم القيامة فهي لكم ولمن شهد أن لا إله إلا الله. قرئ على عبد الرحيم بن يوسف الموصلي وأنا أسمع أخبركم ابن طبرزد قال أنا ابن الحصين أنا ابن غيلان عن أبي بكر الشافعي ثنا إبراهيم ابن عبد الله بن مسلم ثنا سليمان بن حرب ثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمع بي من يهودي أو نصراني ثم لم يسلم دخل النار. قال ابن اسحق فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة بعثه الله رحمة للعالمين وكافة للناس وكان الله قد أخذ له الميثاق على كل نبي بعثه قبله بالإيمان به والتصديق له والنصر على من خالفه وأخذ عليهم أن يؤدوا ذلك إلى كل من آمن بهم وصدقهم فأدوا من ذلك ما كان عليهم من الحق فيه يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم " وعن عائشة رضي الله عنها أن أول ما ابتدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبوة حين أراد الله به كرامته ورحمة العباد به الرؤيا الصادقة لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح وحبب الله إليه الخلوة فلم يكن شيء أحب إليه من أن يخلو وحده. وروينا عن أبي بشر الدولابي قال حدثني محمد بن حميد أبو قرة ثنا سعيد بن عيسى بن تليد قال حدثني المفضل بن فضلة عن أبي الطاهر عبد الملك بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم بن عمه عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه كان من بدء أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه رأى في المنام رؤيا فشق ذلك عليه فذكر ذلك لصاحبته خديجة بنت خويلد فقالت له أبشر فإن الله لا يصنع بك إلا خيراً فذكر لها أنه رأى أن بطنه أخرج فطهر وغسل ثم أعيد كما كان قالت هذا خير فأبشر ثم استعلن به جبريل فأجلسه على ما شاء الله أن يجلسه عليه وبشره برسالة ربه حتى اطمأن ثم قال اقرأ قال كيف أقرأ قال " وروينا من طريق الدولابي عن محمد بن عايذ ثنا محمد بن شعيب عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عطاء بن أبي مسلم عن عكرمة عن ابن عباس قال بعث الله عز وجل محمداً على رأس خمس سنين من بنيان الكعبة وكان أول شيء أراه إياه من النبوة رؤيا في النوم فذكر نحو ما تقدم وفي آخره فلما قضى إليه الذي أمر به انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم منقلباً إلى أهله لا يأتي على حجر ولا شجر إلا سلم عليه سلام عليك يا رسول الله فرجع إلى بيته وهو موقن قد فاز فوزاً عظيماً الحديث. وروينا من طريق مسلم ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن طهمان قال حدثني سماك بن حرب عن جابر ابن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن. وفي رواية يونس عن ابن اسحق بسنده إلى أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخديجة إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء وقد خشيت والله أن يكون لهذا أمر قالت معاذ الله ما كان الله ليفعل ذلك بك فوالله إنك لتؤدي الأمانة وتصل الرحم وتصدق الحديث فلما دخل أبو بكر وليس رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكرت خديجة له فقالت يا عتيق اذهب مع محمد إلى ورقه فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ أبو بكر بيده وقال انطلق بنا إلى ورقة فقال ومن أخبرك قال خديجة فانطلقا إليه فقصا عليه فقال إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء من خلفي يا محمد يا محمد فأنطلق هارباً في الأرض فقال له لا تفعل إذا أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول لك ثم إئتني فأخبرني فلما خلا ناداه يا محمد يا محمد قل بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين حتى بلغ ولا الضالين قل لا إله إلا الله فأتى ورقة فذكر له ذلك فقال له ورقة أثبت فأنا أشهد أنك الذب بشر به ابن مريم وأنك على مثل ناموس موسى وإنك نبي مرسل وإنك ستؤمر بالجهاد بعد يومك هذا ولئن أدركني ذلك لأجاهدن معك فلما توفي ورقة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأيت القس في الجنة وعليه ثاب الحرير لأنه آمن بي كثير عن أبي سلمة قال سألت جابر بن عبد الله فقال لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جاورت بحراء فلما قضيت جواري هبطت فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئاً فنظرت عن يساري فلم أر شيئاً فنظرت من خلفي فلم أر شيئاً فرفعت رأسي فرأيت شيئاً بين السماء والأرض فأتيت خديجة فقلت دثروني وصبوا علي ماء بارداً فنزلت هذه الآية " وروينا من حديث الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنها قالت كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى فجئه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال اقرأ قال ما أنا بقارئ قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ قلت ما أنا بقارئ قال فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ قلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال " رويناه من حديث مسلم عن أبي الطاهر عن ابن وهب عن يونس عنه وهذا لفظه. ورويناه من طريق البخاري وغيره ولفظهم متقارب. وروينا من طريق الدولابي ثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني يونس بن زيد عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها فذكر نحو ما تقدم وفي آخره ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من رءوس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة كي يلقي نفسه منها تبدى له جبريل عليه السلام فقال يا محمد إنك رسول الله حقاً فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا أوفى ذروة تبدى له جبريل فقال مثل ذلك. وعن عبيد بن عمير كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في حراء من كل سنة شهراً وكان ذلك مما تحنث به قريش في الجاهلية والتحنث التبرر فكان يجاور ذلك الشهر من كل سنة يطعم من جاءه من المساكين فإذا قضى جواره من شهره ذلك كان أول ما يبدأ به إذا انصرف قبل أن يدخل بيت الكعبة فيطوف بها سبعاً أو ما شاء الله ثم يرجع إلى بيته حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله به فيه ما أراد من كرامته وذلك الشهر رمضان خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حراء كما كان يخرج لجواره ومعه أهله حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته ورحم العباد بها جاءه جبريل بأمر الله تعالى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءني وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال اقرأ قلت ما أقرأ فغتنى به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أقرأ فغتنى به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني فقال اقرأ قلت ماذا ما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع قال " وروينا عن أبي بشر ثنا عبد الله بن عبد الرحيم ثنا عبد الملك بن هشام عن زياد قال قال محمد بن اسحق حدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير أنه حدث عن خديجة أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي ابن عم أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك قال نعم قالت فإذا جاء فأخبرني به فجاءه جبريل عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا خديجة هذا جبريل قد جاءني قالت قم يا ابن عم فاجلس على فخذي اليسرى قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عليها قالت هل تراه قال نعم قالت فتحول فاقعد على فخذ اليمنى قال فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد على فخذها اليمنى فقالت هل تراه قال نعم فتحول فاجلس في حجري فتحول فجلس في حجرها ثم قالت هل تراه قال نعم فتحسرت فألقت خمارها ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في حجرها ثم قالت هل تراه قال لا قالت يا ابن عم اثبت وأبشر فوالله إنه لملك ما هذا بشيطان. وفي رواية يونس وروى عطاء بن السائب وأبو بشر وابن اسحق كلهم عن سعيد بن جبير دخل حديث بعضهم في بعض عن ابن عباس قال كان لكل قبيل من الجن مقعد من السماء يستمعون فيه فلما رموا بالشهب وحيل بينهم وبين خبر السماء قالوا ما هذا إلا لشيء حدث في الأرض وشكوا ذلك إلى إبليس لعنه الله فقال ما هذا إلا لأمر حدث فائتوني من تربة كل أرض فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها يبتغون علم ذلك فأتوه من تربة كل أرض فكان يشمها ويرمي بها حتى أتاه الذين توجهوا إلى تهامة بتربة من تربة مكة فشمها وقال من هاهنا يحدث الحدث فنظروا فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث ثم انطلقوا فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة معه من أصحابه بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بهم صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا هذا والله الذي حال بيننا وبين خبر السماء فولوا إلى قومهم منذرين فقالوا يا قومنا إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد وذكر تمام الخبر. وقال شعبة عن مغيرة عن إبراهيم النخعي نزلت عليه " وقال شيبان عن الأعمش عن إبراهيم أول سورة أنزلت عليه " روينا عن أبي علي بن الصواف ثنا جعفر بن أحمد ثنا محمد بن خالد بن عبد الرحمن ثنا إبراهيم بن عثمان وهو ابن أبي شيبة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان من الأنبياء من يسمع الصوت فيكون نبياً بذلك وأن جبريل يأتيني فيكلمني كما يأتي أحدكم صاحبه فيكلمه. أخبرنا عبد الله بن أحمد بن فارس التميمي وغيره سماعاً وقراءة قالوا أنا أبو اليمن الكندي قراءة عليه ونحن نسمع قال أنا أبو القاسم الحريري قال أنا أبو طالب العشاري قال أنا أبو الحسين الواعظ ثنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد المصري ثنا بكر بن سهيل ثنا شعيب بن يحيى ثنا الليث بن سعد قال حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من الأنبياء من نبي إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما الذي أوتيت وحياً أوحاه الله عز وجل إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة.وكان نزول جبريل له عليه السلام فيما ذكر يوم الاثنين لسبع في رمضان وقيل لسبع عشرة مضت منه رواه البراء بن عازب وغيره. وعن أبي هريرة أنه كان في السابع والعشرين من رجب وقال أبو عمر يوم الاثنين لثمان من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين من عام الفيل وقد قيل غير ذلك.
|